قد يصعب على غالبيّة الأطفال فهم الإعتذار أو النطق به أو الشعور به، وهو أمر قد يعدّ طبيعياً في سنّها الصغيرة، لكن كيف نستطيع تدريب الطفل على أن يقول -أنا آسف- وأن يكون قاصداً لكلامه، عندما يقع في الأخطاء، بدون خوف من التأنيب أو العقاب؟
ومن المؤكد أن التربية الناجحة لابد أن تسهل على الطفل قبول الاعتراف بالخطأ، بينما يعتبر عدم قبوله بالخطأ أو إصراره على تكراره أو الدفاع عنه في إطار عدم الأدب، لأن الأخطاء تمنح الفرصة للتمييز والتعلّم والإحتكاك، وحين يتربّى الطفل على أخذ العبرة والإستفادة من تجاربه الشخصية، سوف يصبح أكثر إستطاعة على إدراك أخطائه، ويتمكن من تفادي الوقوع فيها مرّة أخرى.
ويمثّل إعتراف الطفل بالأخطاء التي يقع فيها في غياب أهله عادة صحية، ومن الضروري تشجيعه على هذا الأسلوب، حيث تساعده معرفة المشكلات التي قد تعترض طريقه مبكراً، في فهمها قبل تفاقمها.
الأسباب المسؤولة عن تعمد الطفل إخفاء أخطائه:
ـ خوفه من العقاب، لاسيما إذا كانت معاملة أهله تتّسم بالقسوة وترتكز على العنف والتوبيخ.
ـ عدم إدراكه التمييز بين الصواب والخطأ، ما يدلّ على عدم إيضاح أهله لطبيعة الأفعال المذمومة.
ـ عناده وغروره اللذان يجعلانه يرفض الاعتراف بأنّ ما أقدم عليه يعتبر خطأ.
عليك كأم قبل أن تطالبي الطفل بالإعتراف بخطئه، أن تهتمي كثيراً بكيانه النفسي وبناء شخصيته، فمن يتربّى على التدليل المفرط أو على التبعية وعدم تحمّل المسؤولية أو على القسوة، فلا يمكن أن نتوقع منه أن يأتي ويعترف بإرادته بخطئه.
وتوجد صلة قوية بين إمتلاك الطفل بصفات الشجاعة والثقة بالنفس وتحمّل المسؤولية وبين قدرته على الإقرار بالأخطاء التي يرتكبها ومدى إستعداده النفسي لمواجهة تداعياتها.
الأم تكون أكثر تعرضاً للتعامل مع تصرفات الطفل الخاطئة أكثر من مرة على مدى اليوم، ومن ثمّ يجب التعامل مع المسألة بأكبر قدر ممكن من الهدوء والتروّي، ولا تتركي الخوف والرهبة يتسلّل إليه، وعليك أن تتفرّغي من أعمالك إلى حد ما حتى يجد طفلك الوقت والمساحة لتفسير دوافع الأخطاء التي إرتكبها وتستمعي إليه لتربيه على التصرف الصحيح وتشجّعيه على قول الحقيقة وإعتماد الصراحة، بما يساعد على بناء شخصية شجاعة لديها ملكات علاج المشكلات مستقبلاً.
وتأكدي أن هذا الأسلوب سيعمق درجة الترابط والتواصل بينك وبين طفلك، ويساعده على الإستقلالية ويكسبه جهاز ضبط داخلياً.
وقبل التفكير في العقاب المناسب لأخطاء الطفل، حتى لو إعترف بذنبه، ينبغي وضع قواعد يتعرّف من خلالها على الحدود والخطوط الحمراء التي يجب ألا يتجاوزها، مع إيضاح المفاهيم الثابتة التي تميّز بين الصواب والخطأ، ويجب أن تكون هناك قواعد ثابتة للعقاب تتوافق مع سن الطفل ونوعية الخطأ.
وفي الوقت ذاته يجب ألا تسمحي بمرور إعتراف الطفل بخطئه مروراً عابراً في كل مرّة، لأنه في هذه الحالة سيعتبر أن إعترافه طريقه سهلة للهروب من المواقف الصعبة، فيستهين بالأمر ويكرّر الأخطاء، بدون أدنى إحساس بالذنب.
المصدر: موقع رسالة المراة.